كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



أَقُولُ وَقَدْ يُقَالُ لَا مَوْقِعَ لِإِشْكَالِ السَّيِّدِ عُمَرَ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْمُنَجَّزِ إلَخْ الدَّافِعِ لَهُ عَلَى أَنَّ نَفْيَ الشَّارِحِ فَرْعَ إمْكَانِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ غَيْرُ مَقْصُورٍ فَلَا مَعْنَى لِحَمْلِ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفْيِهِ.
(قَوْلُهُ: قَرَابَةً) أَيْ ذَاتَ قَرَابَةٍ أَوْ هُوَ بِمَعْنَى قَرِيبَةٍ وَقَوْلُهُ: مَلَكَ أَيْ زَوْجَتَهُ وَقَوْلُهُ: لَا بَأْسَ أَيْ بِنِكَاحِهَا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ وُقُوعِهِ) أَيْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ظَرْفُ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: يَرَاهُ) أَيْ صِحَّةَ ذَلِكَ التَّعْلِيقِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِدَعْوَى الْإِجْمَاعِ.
(وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً كَقَوْلِهِ إنْ عَتَقْتُ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (أَوْ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ (إذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ)؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ الطَّلَاقِ فَاسْتَتْبَعَ وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ مُفِيدٌ لِتِلْكَ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ لَوْ قَارَنَ الدُّخُولَ لَفْظُ الْعِتْقِ لَمْ تَقَعْ الثَّالِثَةُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ بِآخِرِ الصِّيغَةِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ مِنْ أَوَّلِهَا فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ بِآخِرِ لَفْظِ الْعِتْقِ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهُ لِلثَّلَاثِ مِنْ أَوَّلِهِ، وَهُوَ مُقَارِنٌ لِلدُّخُولِ فِي صُورَتِنَا فَلْيَقَعْ فِيهِمَا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَقَالَ إنْ صَارَ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ أَوْ مَعَهُ عَتِيقًا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُلْتَفَتُ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُولَ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا فَلْيُرَاجَعْ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَاكَ وَمَا هُنَا حَيْثُ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مِلْكَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِتْقِ هُنَا مَعْنَاهُ لَا لَفْظُهُ.
(قَوْلُهُ: فَلْيَقَعْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثِ فِيهِمَا أَيْ فِي الْبَعْدِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَلْتَقَعْ فِيهَا بِتَأْنِيثِ الْفِعْلِ وَحَذْفِ الْمِيمِ. اهـ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: فَلْتَقَعْ فِيهَا نَظَرٌ مَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُقُوعِ الثَّالِثَةِ لَوْ قِيلَ بِهِ فَإِنَّهُ اسْتَوْفَى مَا لِلْأَرِقَّاءِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا تَعُودُ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ. اهـ. ع ش.
وَقَدْ يُقَالُ يَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي التَّعَالِيقِ.
(قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ إلَخْ) هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ. اهـ. ع ش.
(وَيَلْحَقُ الطَّلَاقُ رَجْعِيَّةً)؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ هُنَا وَفِي الْإِرْثِ وَصِحَّةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ عَنَاهَا الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (لَا مُخْتَلِعَةً) لِانْقِطَاعِ عِصْمَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِي تِلْكَ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا وَخَبَرُ: «الْمُخْتَلِعَةُ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ» مَوْضُوعٌ وَوَقْفُهُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ ضَعِيفٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي خَمْسِ آيَاتٍ) أَيْ فِي أَحْكَامِهَا.
(قَوْلُهُ: فِي خَمْسِ آيَاتٍ) أَيْ فِي أَحْكَامِهَا. اهـ. سم زَادَ ع ش وَمِثْلُ هَذِهِ الْخَمْسِ غَيْرُهَا مِنْ حُرْمَةِ نِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهَا فِي عِدَّتِهَا وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لَهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّافِعِيُّ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَشْمَلُهَا مِنْ الْآيَاتِ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ لَا مُخْتَلِعَةً) أَيْ بَائِنَةً كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمَنْهَجُ وَالرَّوْضُ.
(وَلَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ الصَّادِقَ بِثَلَاثٍ وَدُونِهَا (بِدُخُولٍ) مَثَلًا (فَبَانَتْ) قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ بِفَسْخٍ أَوْ خُلْعٍ (ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ إنْ دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ)؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ دُخُولًا وَاحِدًا وَقَدْ وُجِدَ فِي حَالَةٍ لَا يَقَعُ فِيهَا فَانْحَلَّتْ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا طَرَقَهَا الْخِلَافُ الْآتِي لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ (وَكَذَا إنْ لَمْ تَدْخُلْ) فِيهَا بَلْ بَعْدَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ فَلَا يَقَعُ هُنَا أَيْضًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِامْتِنَاعِ أَنْ يُرِيدَ النِّكَاحَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْلِيقُ طَلَاقٍ قَبْلَ نِكَاحٍ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُرِيدَ الْأَوَّلَ وَقَدْ ارْتَفَعَ (وَفِي) قَوْلٍ (ثَالِثٍ يَقَعُ إنْ بَانَتْ بِدُونِ ثَلَاثٍ)؛ لِأَنَّ الْعَائِدَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي مَا بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ فَتَعُودُ بِصِفَتِهَا، وَهِيَ التَّعْلِيقُ بِالْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْعَائِدَ طَلَقَاتٌ جَدِيدَةٌ هَذَا إذَا عَلَّقَ بِدُخُولٍ مُطْلَقٍ أَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا تَدْخُلُ الدَّارَ مَثَلًا فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ أَنَّهُ يَقْضِيهِ أَوْ يُعْطِيهِ دَيْنَهُ فِي شَهْرِ كَذَا ثُمَّ أَبَانَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ وَبَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ أَوْ تَمَكُّنِهِ مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَضَى الشَّهْرُ وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ فَأَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوَّلًا بِالتَّخَلُّصِ وَوَافَقَهُ صَاحِبَاهُ النُّورُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ وَالنَّجْمُ الْقَمُولِيُّ.
ثُمَّ رَجَعَ وَبَيَّنَ لَهُمَا أَنَّهُ خَطَأٌ، وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبُطْلَانِهِ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيَّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا تَمَكَّنَتْ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ تَفْعَلْ وَبَحَثَ مَعَهُ السُّبْكِيُّ مُحْتَجًّا لِلتَّخَلُّصِ، وَهُوَ لَا يَلْوِي إلَّا عَلَى عَدَمِهِ وَهُمْ مَعْذُورُونَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِيهِ مَا يَشْهَدُ لِلتَّخَلُّصِ كَإِنْ لَمْ تَخْرُجِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ الْخُلْعُ فِيهَا، وَإِنْ أَعَادَ عَقْدَهَا لَيْلًا وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ التُّفَّاحَتَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَنَظَائِرِهِمَا وَلِعَدَمِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَتُصَلِّيَنَّ الظُّهْرَ الْيَوْمَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تَفْعَلْهُ أَوْ لَتَشْرَبِنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ إمْكَانِ شُرْبِهِ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ وَحَاصِلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ الَّذِي تَجْتَمِعُ بِهِ تِلْكَ الْمَسَائِلُ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّنَافِي بَعْدَ بَحْثِهِ مَعَ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيمَا رَجَعَ إلَيْهِ وَصَوَّبَهُ وَمَعَ الْبَاجِيَّ أَنَّ الصِّيغَةَ إنْ كَانَتْ لَا أَفْعَلُ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ تُخَلِّصُ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ بِالْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخَرِ وَقَدْ صَادَفَهَا بَائِنًا وَلَيْسَ لِلْيَمِينِ هُنَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِسَلْبٍ كُلِّيٍّ هُوَ الْعَدَمُ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ وَبِالْوُجُودِ لَا نَقُولُ حَصَلَ الْبِرُّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ.
وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ فِي إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ نَفَعَهُ الْخُلْعُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَنْفَعُهُ فِي صُورَتِنَا؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ صُورَتَيْهِمَا الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لَأَفْعَلَنَّ وَمِثْلُهَا النَّفْيُ الْمُشْعِرُ بِالزَّمَانِ كَإِذَا لَمْ أَفْعَلْ كَذَا لَمْ يَتَخَلَّصْ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَقْصُودٌ مِنْهُ، وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلِلْيَمِينِ جِهَةُ بِرٍّ هِيَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حِنْثٍ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ وَالْحِنْثُ يَتَحَقَّقُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبِرِّ فَإِذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ وَفَوَّتَهُ بِخُلْعٍ مِنْ جِهَتِهِ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي لَآكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَزَعْمُ أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَرْدُودٌ وَقَدْ بَسَطْت مَا فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْكَبِيرِ أَوَّلَ الْخُلْعِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَى حُسْنِهِ وَتَحْرِيرِهِ فَرَاجِعْهُ وَصَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَا رَجَعَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ التَّخَلُّصِ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَلَآكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ فِي هَذِهِ، وَهُنَا لَمْ يَسْتَحِلَّ مَعَ الْخُلْعِ لِإِمْكَانِ فِعْلِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ مَحَلَّ الْبِرِّ بَلْ مَحَلَّ الطَّلَاقِ فَإِذَا مَضَى الزَّمَنُ الْمَجْعُولُ ظَرْفًا وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ بَيْنُونَتَهَا بِالْخُلْعِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَنَّهُ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْفِعْلِ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ مَاتَتْ لَا حِنْثَ بَعْدَ فَرَاغِ الشَّهْرِ لِعَدَمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْحِنْثِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ انْتَهَى، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشَتُّتُ النَّظَائِرِ بِخِلَافِ مَا تَقَرَّرَ.
وَقَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ فِعْلِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بَعْدَ الْخُلْعِ مَعَ صِحَّتِهِ لَا يُسَمَّى بِرًّا؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِصْمَةٌ أُخْرَى وَقَوْلُهُ: لَمْ يُفَوِّتْ مَحَلَّ الْبِرِّ بَلْ مَحَلَّ الطَّلَاقِ لَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَحَلِّ الْبِرِّ بَلْ هُوَ عَنْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْمَوْتِ ظَاهِرٌ إذْ مَعَ الْمَوْتِ لَا يُنْسَبُ لِتَفْوِيتٍ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى اسْتِبْعَادِ وَقْتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ بِهَا لَا يُخَالِعُ وَلَا يُوَكِّلُ فِيهِ فَخَالَعَهَا فَقِيلَ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَغُلِّطَ بِأَنَّهُ إذَا خَالَعَ بَانَتْ فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِهِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ يَتَقَارَنَانِ فِي الزَّمَنِ لَا يَجْرِي هُنَا؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا هُنَا تَرَتُّبًا زَمَنِيًّا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ يَسْتَدْعِي تَأَخُّرَ الْخُلْعِ وَوُقُوعُهُ يَسْتَدْعِي رَفْعَهَا وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ فَحَلَفَ بِالثَّلَاثِ مَا يَفْعَلُ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَيَّنْت فُلَانَةَ لِهَذَا الْحَلِفِ تَعَيَّنَتْ وَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهَا إلَى تَعْيِينِهِ فِي غَيْرِهَا وَلَيْسَ لَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَلَا بَعْدَهُ تَوْزِيعُ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ حَلِفِهِ إفَادَةُ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى فَلَمْ يَمْلِكْ رَفْعَهَا بِذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: أَوْ خُلْعٍ) صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَبِهِ يَبْطُلُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ الْآتِي: إنَّ الصِّيغَةَ إنْ كَانَتْ لَا أَفْعَلُ إلَخْ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَخْلُصُ فِي نَحْوِ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا نَظَرًا لِخُرُوجِ هَذِهِ الصِّيغَةِ عَمَّا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ.
(قَوْلُهُ: هَذَا إنْ عَلَّقَ بِدُخُولٍ مُطْلَقٍ) فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقَيَّدَ كَإِنْ دَخَلْت فِي هَذَا الشَّهْرِ كَذَلِكَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَصْوِيرِهِ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُوجَدْ) خَرَجَ مَا إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الشَّهْرِ فَلَا حِنْثَ وَالْخُلْعُ نَافِذٌ م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ فَعَلَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَمْ يَقَعْ الثَّلَاثُ، وَصَحَّ الْخُلْعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَبْلَ الْخُلْعِ) أَقُولُ لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ بَعْدَ التَّمْكِينِ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَيُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ إذْ لَا جَائِزَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْخُلْعِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِهِ الْمُنَافِيَةِ لِلْوُقُوعِ وَلَا أَنْ يَقَعَ قَبْلَهُ لِلُزُومِ الْوُقُوعِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ قَبْلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسَائِلِ الرَّغِيفِ وَغَيْرِهِ مِمَّا نُظِّرَ بِهِ الْوُقُوعُ فَإِنْ قُلْت قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ فُوِّتَ فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ فُوِّتَ بِالْخُلْعِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَاكَ يُمْكِنُ الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْإِمْكَانِ مِنْ الْغَدِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِانْتِفَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَقْتَ التَّمَكُّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ قَيَّدَ بِالتَّمَكُّنِ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَنَّ فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ. اهـ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَابُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي الشَّهْرِ الْآتِي فَخَالَعَ قَبْلَهُ فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا، وَيَتَعَيَّنُ امْتِنَاعُ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا يَدْفَعُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدْفَعُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ الْفِعْلُ بَعْدَ الْخُلْعِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ بِرَّبِهِ وَاسْتَمَرَّ الْخُلْعُ، وَإِلَّا بَانَتْ قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْخُلْعِ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْوُجُودِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي إنْ لَمْ أَفْعَلْ دُونَ لَا أَفْعَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ بِالْوُجُودِ فِيهِ يَحْصُلُ الْحِنْثُ كَمَا إنَّ قَوْلَهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ بِالْعَدَمِ إلَخْ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي إنْ لَمْ أَفْعَلَ دُونَ لَا أَفْعَلُ إذْ التَّعْلِيقُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِالْوُجُودِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَعَلَّ هَذَا الْكَلَامَ بِالنَّظَرِ لِإِنْ لَمْ أَفْعَلْ، وَأَمَّا لَا أَفْعَلُ فَعَلَى الْعَكْسِ مِنْهَا فِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.